شبكات التواصل الاجتماعي.. بدل جلسات السمر الأسرية


هل أسأل «غوغل» عن ابني؟!



في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها المجتمع، خاصة مع ثورة تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، تغيرت كثير من أنماط حياة الناس، ولم يعودوا مرتبطين بزمان أو مكان يحدَّ من حريتهم أو يتحكم فيها، وحتى العلاقات الاجتماعيَّة، وبخاصة على مستوى الأسرة الواحدة أصبحت خاضعة لهذه التكنولوجيا في تعاملاتهم اليوميَّة، إن داخل المنزل أو خارجه، وهي غير مرتبطة بالشباب وحدهم، فللكبار حظهم منها، لكن ما مدى تأثير هذه التقنية مثل الـ«فيس بوك» و«تويتر» والـ«بلاك بيري»، في الروابط الاجتماعيَّة داخل الأسرة، وهل بهكذا وسائل اتصال تفقد الأسرة حميميتها وألفتها؟
«سيدتي» استطلعت آراء مجموعة من الشباب والشابات والأهالي للحديث حول تأثير هذه التكنولوجيا في الروابط الاجتماعيَّة وايجابياتها وسلبياتها، خاصة إذا نشأ جيل عليها وتربى بها.

بداية أيدت الطالبة الجامعيَّة جمانة خوج (20 عاماً) فكرة تواصل الأهل مع أبنائهم من خلال الشبكات الاجتماعيَّة، موضحة: كثيراً ما أتواصل مع والدتي عبر الـ«فيس بوك» فأتبادل معها الرسائل والصور والفيديوهات، كما نتداول التعليقات بعد حدوث مواقف مضحكة أومناسبات، واستغل المناسبات كذكرى ميلادها لتهنئتها، وقد أداعبها ببعض الأشياء التي تزعجها كالكتابة  بـ«الإنجليزي المعرَّب»، وهي لغة دارجة بين معظم الشباب يكتبون فيها العربيَّة بحروف إنجليزيَّة، خلافاً لوالدي الذي لا يهتم كثيراً بحسابه الشخصي على الـ«فيس بوك».

دخول عالمنا
أما رانا بالبيد (20 عاماً)، طالبة تصميم داخلي بكليَّة دار الحكمة، فقد حكت لنا عن تجربتها مع والدتها في عالم التواصل بالرسائل الفوريَّة الـ«بلاك بيري» قائلة: باتت أمي تنزعج كثيراً من تراسلنا الدائم مع صديقاتنا عبر الـ«بلاك بيري»، حيث ساد نوع من الصمت الأسري في المنزل، ما جعلني وأختي التي تكبرني أن نوفر لها «بلاك بيري» كهدية في ذكرى ميلادها، من أجل أن تشاركنا في هذا العالم «وتدخل معنا في الجو». مضيفة: كثيراً ما تحدث بيننا العديد من المواقف الطريفة والتعليقات المضحكة التي أشعر من خلالها بأنَّها أخت تكبرني.

آمال وأمنيات
«أتمنى أن يلج والدي عالم الإنترنت والشبكات الاجتماعيَّة» هذا ما يأمله عمار مدني (21 عاماً) طالب هندسة صناعية، ورئيس نادي الإعلام بجامعة الملك فهد، مضيفاً: بما أنَّني مغترب عن والديَّ بسبب دراستي بجامعة الملك فهد بالشرقيَّة، أتمنى أن يساعد تواصلنا إلكترونيَّاً على تقوية العلاقة بيننا بدلاً عن اللجوء إلى الطريقة التقليديَّة في التواصل عبر الاتصالات الهاتفيَّة التي لا تتيح لنا التحدث أكثر.
ويؤكد عمار على ضرورة تواصل الأهل مع أبنائهم ليتعرفوا إلى أفكارهم وآرائهم ومواهبهم المدفونة، ويروي موقفاً طريفاً قد حدث مع والده قائلاً: اكتشف والدي بعض الأشياء عني التي لم يكن يعرفها من قبل عن طريق مجموعة من زملائه تربطني بهم الشبكات الاجتماعيَّة.

تغيير للنظرة السلبيَّة
أما حازم الحازمي، أب لأربعة أبناء، الذي يشجع مشاركة الأسرة وتواصلها عبر المواقع الاجتماعيَّة فقال: أتواصل مع والدي وإخوتي عبر الشبكات الاجتماعيَّة التي كانت سبباً في تغيير النظرة السلبيَّة عن أخي الصغير، كما أنَّ وجود الأهل لا يعيق الخصوصيَّة بتاتاً فعائلتي تمنحني الحريَّة المطلقة في التعبير عن آرائي وأفكاري. ويفضل الحازمي هذا الأسلوب في التواصل مع أبنائه الذين لا يزالون صغاراً.

أرفض مشاركة أسرتي
لكن إرادة صفرجي (22 عاماً) كان لها رأي آخر، فقد رفضت فكرة وجود الأهل والأقارب على الشبكات الاجتماعيَّة مرجعة ذلك إلى التدخل في الخصوصيَّة والنقد الموجه بسبب اختلاف وجهات النظر بينهما. موضحة: الشبكات الاجتماعيَّة هي المكان الذي أفصح فيه عن أفكاري وآرائي من دون تقيد بحدود الأسرة، لذا فلا أقبل بوجودها.

أفضّل السكايب !!
من جهته أكد محمد مراد، طالب جامعي، على أنه كان يتواصل مع عائلته سابقاً بسبب اغترابه ودراسته خارج السعودية فيقول محمد: «كان استخدامي كثير للسكايبي فأتواصل معهم وأشعر بأني بينهم مع إني بعيد عنهم، فتشعر أمي بالأمان والاطمئنان لحالي بأني مازلت بخير فأكثر ما يشغل قلب الأم هوبعد أولادها عنها». ويكمل حديثه: «أما والدتي فاخترت أن أناديها باسمها (أحلام) دون أن أقول لها (أمي)، ولم يضايقها هذا الموضوع نهائياً بل على العكس أشعر بأنها أختي الكبيرة».

لا للأسماء المستعارة
الطالب الجامعي المبتعث حاتم علاف يفضل التواصل عبر الفيسبوك والسكايب والهوت ميل فهولا يتواصل مع والديه وإخوته فقط بل يعبر الحدود ليصل إلى أعمامه وأخواله وأصدقاء والده ويرى حاتم أن هذه الوسائل كانت صعبة وحرجة في البداية على والديه لأنهما خرجا عن التواصل التقليدي. كما يرفض حاتم فكرة إطلاق اسم مستعار على والديه ويعلق على هذه النقطة: «والديّ أقرب شخصين بالنسبة لي في الدنيا ولكن لابد من احترامهما وهذا يعد من باب قلة الاحترام والتقليل من شأنهما في نظري، والله سبحانه وتعالى بين فضلهما فهذا لا يجوز دينياً واجتماعياً».

البلاك بيري غير فعالة
وجدت الموظفة روان أحمد أنها لا تستخدم هذه الوسائل في التواصل مع عائلتها أوالمحيطين بها لأنهم أكثر الوقت أمامها بل تؤكد أنها وسائل جيدة لكي تتواصل مع من لا تراهم دائماً كصديقاتها المبتعثات لتعرف أخبارهن أولاً بأول. تقول روان: «يندر التواصل بيني وبين إخوتي أوخالاتي مع إنهم موجودين لدي في قائمة البلاك بيري لأني أرى أن البلاك بيري وسيلة تواصل فعالة مع الأشخاص الذين لا أراهم دائماً كصديقاتي أيام المدرسة أوالجامعة «.

سهولة التواصل
الطالب عدي الشمري 18 عاماً يحكي عندما يكون والدي مسافراً يتواصل معي عبر الفيس بوك ليسأل عن أحوالي فهويعد «توفيراً» من وجهة نظره لأن المكالمات الدولية غالية جداً كما أن سهولة التواصل هي الأهم. ويضيف قائلاً: يرسل لي والدي مواضيع مفيدة وتعليمية ويدعوني على الفعاليات التعليمية من محاضرات ومؤتمرات فألبي دعوته.

أدلع والدتي
بينما أبدت زينة  دبور طالبة الثانوية إعجابها بطريقة التواصل مع والديها من خلال الفيس بوك وبرنامج الرسائل الفورية واتس أب قائلة: «تعجبني طريقة تواصلي مع والديّ فنتحدث سوية ونتبادل التعليقات ويسأل كل منا عن الآخر فوالديَ متفهمين تماماً ويمنحانني الحرية الكاملة في التصرف».
وتضيف: أطلق على والدتي اسماً مستعاراً أدلعها به “توفه” فتفرح كثيراً به وتشعر بأنني أخت لها فليس لدي أخوات لذلك اعتبرها أختي. وتحكي زينة ضاحكة من بعض التعليقات الطريفة التي       كتبتها لها والدتها حين كانت ستسافر في اليوم التالي «I will miss u baby»

مواقف طريفة
ويسرد الطالب المبتعث باهي قطب عن كيفية تواصله مع والدته مبيناً بأنه يتواصل مع والدته من خلال البلاك بيري ولكنها تجده وسيله صعبة نوعاً ما للكتابة بسبب ضعف نظرها، فأصبحت تستسهل الأمر عندما تريد أن تخبره شيئاً ما فترسل له الرسائل الصوتية ما يسمى بال  Voice Note 
 ويحكي باهي لسيدتي عن موقف محرج تعرض له يقول: «ذات مرة وضعت صورتي مع زميلاتي الأمريكيات فقالت لي أمي مازحة: «ايش دا ياولد ليش تحط صورتك كده خالاتك موجودين عندك» ويكمل قطب ولكني لم أغير الصورة لأن أمي كانت تمزح معي.
لأنني تزوجت حديثاً أضع صوري مع زوجتي على حسابي الخاص في الـ«فيس بوك»، ويقوم والدي بالتعليق: «الله يحفظكم»، هذا ما أخبرنا به محمد زمزمي (28 عاماً) مهندس معماري.  ويضيف ضاحكاً: أول مرة دخل فيها والديّ عالم الـ«فيس بوك» بعثت له رسالة من باب الدعابة كتبت فيها «أنتم هنا أصدقائي ولستم والديّ».

والدتي “مُزتي الكبيرة”
سارة بايزيد طالبة أدب إنجليزي تروي لسيدتي قصتها مع والدتها في عالم الهواتف الذكية قائلة: «ترسل لي أمي النكت والأدعية ونتبادل الآراء والتعليقات فأشعر بقربها مني وكأنها صديقتي  فنضحك سوية على برود كاست ثم نعلق عليه، كما تفضل أمي (الإنجليزية المعربة) التي يتحدث بها معظم شباب العصر. وتضيف بايزيد: تتضايق أمي عندما تسألني عن رسالة أرسلتها لي ولم أقرأها وتظن أنني «أطنشها وما أهتم» فتسألني هل قرأت تلك الرسالة فأجيب بلا فسرعان ما ترينني إياها.
كما قالت سارة بأنها أطلقت على والدتها اسماً مستعاراً تناديها به «مزتي الكبيرة» لأنها بالتأكيد تشعر بأن والدتها أجمل من على الأرض.

أمومة الـ«فيس بوك»
وتروي أماني الهندي (36 عاماً) أم لثلاثة أولاد، تجربة الأمومة في الشبكات الاجتماعيَّة بقولها: أشارك أبنائي اهتماماتهم على الـ«فيس بوك»، فنلعب معاً «أونلاين» ونتبادل الصور والتعليقات والأغاني، فلا أنسى يوم عيد الأم، إذ قاموا بإهدائي بعض الأغاني الخاصة بهذه المناسبة، وفي ذكرى ميلادهم أبعث لهم بطاقات تحمل عبارات التهنئة.
فيما أكدت رقة المنصوري، معلمة وأم. على الدور الذي يلعبه البلاك بيري في التواصل مع بناتها، معللة سبب دخولها في عالم التواصل «التشات» بقولها: أردت أن أكون قريبة من أبنائي، لأنهم بعدوا عني بعد دخولهم هذا العالم والتعرف إليه. وتضيف: ينشغل بالي عليهم ولا أستطيع الاطمئنان عليهم نظراً لانشغالي فترة العمل، لكن التواصل بالبلاك بيري سهل الكثير وأشعرني نوعاً ما قريبة منهم.
ولا تختلف عنها كثيراً أمل ناظر، أم ومديرة مدرسة بمدينة جدة، التي قالت: أبعث برود كاست لأبنائي صباح كل يوم يتضمن مقولة النجاح وبعض الأدعية والأذكار من باب تذكيرهم بها حتى لا ينسوها.

اكتشفت أولادي أكثر
تقول دينا عوني 50 سنة، ربة منزل وأم لبنت وولد: عندما دخلت عالم الفيس بوك، أردت أن اكون متابعة لمستجدات التكنولوجيا وعالم التواصل، لأفاجأ بأبنائي وأكتشفهم من أول وجديد، ختى أنني بدأت اتعامل معهما بطريقة جديدة، وأحرص يوميا على متابعة مايكتبون لأعرف (المود)، لأعرف كيف وعن ماذا اتحدث معهما.
لست نادمة على دخولي العالم رغم أنه مرهق ومبدد للوقت كثيرا.

نقلة حضاريَّة وفكريَّة
 ويؤكد طلال جمجوم، أستاذ بجامعة الملك سعود سابقاً، وأب لثلاثة أبناء، أنَّه لا يتبع هذا الأسلوب في التواصل مع أبنائه نظراً لاستقرارهم خارج البلد وانشغالهم الدائم. ويعلق: لكنَّها آليات جيدة ولطيفة جداً في التواصل، ونقلة حضاريَّة وفكريَّة، إلى جانب أنَّها تعمل على تعزيز الروابط بين أفراد العائلة.
تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا
abuiyad